
صورة من صور الهلوكوست, ولكنها صورة متميزةٌ متفردةٌ جدًا, حيث أن المعذبين المحاصرين في خنادق الموت أو محارق القصف وضرب الدبابات لا يكتفون بالنحيب أو البكاء, بل يقاومون, ويوصمون بالعنف والإرهاب, وتمضي الأحداث والعيون تراقب وهم يقوامون, ويعيشون على إنسانيةٍ, قد لحّنت أحلى الأغاني في همسات تخرس أصوات انفجارات القذائف.
الإجتياح : - مسلسل من انتاجٍ أردني " المركز العربي " , عدنان وطلال العواملة
- إخراج المخرج التونسي شوقي الماجري
- تأليف الفلسطيني رياض سيف
- العمل به مجموعة كبيرة من الممثلين من الأردن, سوريا, لبنان, فلسطين؛ فهو عمل عربي
- رشح العمل لجائزة الإيمي, وحاز على جائزة ( أفضل إنتاج )
( أوسكار التلفزيون D: )

فـ إنْ كانت التغريبة الفلسطينية تأخذنا في حقبة زمنية لم يكن أبناء جيلي قد ولدوا حينها أو عاصروا أحداثها, فإنّ الإجتياح يذكرنا بالحوادث المهمة جدًا التي شاهدناها في التلفزيون عندما كنا صغارًا في 2002 . نعم .. نحن نتكلم عن جنين, (مجزرة مخيم جنين ).
في عملٍ يصور لك البشر وهم يعيشون قصصهم كاسرين بإنسانيتهم قيود وعنجهية الأرقام التي قد خبرتنا بها وسائل الإعلام حينها, فـ مصطفى, وحنان, وخالد .. ليسوا إلاّ مجموعةً من الموتى, أو الجرحى, أو بقايا الأحياء هناك؛ ولكن الإنسانية تتبدى في هذا العمل : المقاومة, وغريزة البقاء .. لتدخلك خارج أجواء الأرقام.
بذاهبك وإيابك خلال هذه القصص التي قد رواها رياض سيف, الذي قد أعاد رواية الأحداث قبل بدء حصار المخيم والأحداث التي واجهت الرئيس الراحل ياسر عرفات عند حبسه في مقره ومشكلة الأسرى والمقاومة, وحكايات الإرهاب والسجون, إلى ما قبل الإستعدادات للإصطدام مع الجيش الإسرئيلي, انتهاءً بنهاية المجزرة, وبداية حياة جديدةٍ للناجين في حدث لم يمر هكذا على حياتهم وشخصياتهم؛ بذهابك وإيابك خلال هذا كله .. تتبدى لك العبقرية في اجتذاب كل هذه الإنسانية من مجموعة كبيرة من القصص والأحداث التي قد تحيل أي بشريٍ إلا ( لا شيء ) .. فقدان للأهل وللأعراض- خطف, قصف وهدم للبيوت, وناجون أحياء يدفنون تحت الأرض, لا أمل لهم في الحياة بل في حياتهم بعانون آلام الموت, حبس وتجويعٌ والعيش مع الأموات جنبًا إلى جنب أو مثلاً بمثل . كل هذه الأحداث قد حصلت فعلاً لكننا نفاجأ رغم ذلك أن غريزة الفلسطيني للبقاء تجعله يحب ويحن وينظم الشعر, يحلم ويفكر, ويعيش داخل كل ذلك . إن القوة والعبقرية التي وضعت رياض سيف أمام تحدِّ نفسه في التحرك بكل خطواتٍ ثابتة أمام كل هذه القصص ليستطيع أن يمسك خيوطها ويربطها سويةً؛ مستنيرةً بصدق الحدث, والوضع السياسي الراهن, والشخصيات بكل أبعادها, وحاجاتها, والروح الإنسانية المطلوب توافرها داخل القصص هي التي صاغت لنا هذا الإبداع القصصي .. والتي وضعت في تحدٍ آخر في إبداعِ عملٍ آخر بمثل هذا المستوى.
فتحيةً لـ رياض سيف.
( ح آخدها عامي )
الإخراج .. كان قمة في الروعة والمصداقية, بحيث تحس أنك في قلب الحدث .. السمفونية التي عزفها شوقي الماجري التي أرتنا هرمونيات إدارة الممثل, الكاميرا, الصورة, المونتاج, مشاهد المعارك, استايل الاستدي كام .. كل هذا كان مبهرًا - لي بصدق , ومحركًا الجمهور للاقتراب من الحقيقة والناس.
شوقي يمكن كان دا العمل أحسن حاجة شفتها لو .. تقريبًا نفس الصورة دايمًا- مدير التصوير روسي أظن .. اسمو صعب D:
بس شغل شوقي الماجري في هذا الفيلم .. يحسب لو بصراحة .. واشتغل بقلب.
***
الممثلين وما أدراك عن الممثلين.
عباس النوري ( أبو جندل ) كان بطل بمعنى الكلمة, قيادي مقاوم من حركة فتح طبعًا فتح ديك الأيام, هوا أحد الأبطال اللي قادوا المقاومة واستشهدوا .
الدور يخليك تشوف عباس النور بشكل خطير, باب الحارة ولا شي قدام الدور اللي سواه .. شخصية قريبة من الشباب, وفي نفس الوقت تقدر تقود جماعات كثيرة, كمان فيها قدرة تُدخل لشخص الإنسان وتتواصل معاه بأقل تعبير ممكن, طبعًا البطل عباس النوري بدّع في الدور لازم أحط لكم مقطع لأداء هذا البطل .. أو لكل شخصية داخلة مزاجي .
http://www.youtube.com/watch?v=FeC8fudAVlk
هذا ولا شي .. شوفوا المقطع اللي بعدوا ..
عباس النوري- أبو جندل, ومنذر رياحنة- مصطفى
المقطع الجاي .. بيتكلم عن .. لمن أخت مصطفى الممرضة حنان أتمسكت من الجيش الإسرائيلي بسبب إنو أخوها المناضل, وهو الوحيد في العيلة اللي دري إنها محبوسة بسببوا, ومهوا راضي يقول لأهلوا عن الموضوع, كيف عرف ؟ .. الإسرائليين كلموه, راح قال لأبو جندل .. وأبو جندل حاول يتصرف بطريقتو .. D: ... استمتع
http://www.youtube.com/watch?v=h6GsHWhWF98&feature=related
***
منذر رياحنة (مصطفى) , هذا الممثل أنا صرت من أكبر المعجبين فيه بعد هذا العمل, أنا ما شفت واحد إذا صرخ يقنعك إنو ما هو قاعد يمثل/يصطنع الإحساس .. ممثل مهو سهل, ودور مليان وثقيل .. باين على منذر إنو قري النص كويس وذاكر للشخصية وقدر يجمع كل حاجة عشان يرسم ملامحها.
الشخصية هي مصطفى, مقاوم شاب .. يهرب عالجبال عشان هوا مطلوب أمنيًا, لمن تصير أحداث معينة يرجع على جنين .. هناك تصير الحرب وهوا يكون مع المقاومين ,, يكون مستعد .. تتفاجئ في المسلسل إنو علاقتو بأهلوا قوية مع إنو ما يقابلهم غير في مجموعة محدودة من المشاهد. القصة الرئيسية له .. إنو يحب فتاة يهودية-صحفية أنقذها هي وزميلتها- فلسطينية من عرب 48 .. لمن كان هوا وأصحابوا في الجبال. طبعًا القصة دي مسوية مشاكل .. لكن اليهودية دي .. فلسطينية الأصل .. أبوها فلسطيني يهودي, تساعدو في معلومات من الجيش الإسرائيلي لأنو أخوها فيا الجيش .. مصطفى ينقتل قدام بيتهم اللي كان نفسوا يرجع لو .. واللي يقتلو أخو حبيبتو .. وقدامها كمان.
http://www.youtube.com/watch?v=OAzmIjK2Hfo&feature=related
هذا مقطع لمن يشوف أمو .. أول مرة في المسلسل يتقابلوا طبعًا لأن من البداية وهوا في الجبال
http://www.youtube.com/watch?v=P23SzCES_xE
وهذا أول ما يقابل حبيبتو يائيل في الجبال .. هذا المقطع حسسني إنو .. يصرخ ويقول كلام مباشر جدًا للشخصيات .. بس ما حسيت إنو أوفر مرة .. يعني أندمجت معاه وصرت مصدق احساسه.
البطل يكون مجروح, والمحبوبة تدخلو جوة .. عشان يتعافى ويقدر يهرب من الأعداء, أخو المحبوبة ياخذ البطل لحد باب دارهم القديم, وببساطة يقتلو قدام حبيبتو .. يمكن تكون نهاية فيلم هندي, لكن لمن يكون البطل بطل .. والعدو محتل .. تختلف مقاييس تقبلك .. مصطفى يموت بعد ما يحقق حلمو إنو يموت قدام داره .. ويمكن قدام حبيبتو ..
http://www.youtube.com/watch?v=cTum_mtamVI
***
إياد نصّار ( خالد )" .. طبعًا هذا المبدع فوق الوصف .. ياخذك في جو عظيم بالشخصية اللي كأنها محمود درويش, مثقف مدرس وشاعر .. ينحبس في بيت رجل اسمو شفيق لمن يكون فارضين منع التجول .. مع ناس كثيرين .. في الفترة ديكا يحب بنت الرجال, مع انهم عايشين بدن موية, وفي كم واحد ميت معاهم .. وكمان في أم ملخبطة في بنتها جابت بنت تانية غير بنتها, وبنتها عند أم البنت التانية, فوق كل دا في مشهد لو ألاقيه .. وهوا يقول : مطر .. مطر .. مطر .. وفجأة وهما محتاجينو ينزل المطر .. عشان يروي جفافهم.
***
صبا مبارك (حنان) .. تحدت كونها فتاة جميلة يمكن فقط المنتجين يعطوها أدوار ما تناسب مستواها التمثيلي العالي - طبعًا جمالها مهو عيب - .. الممرضة اللي تساعد الناس, وتقوم على البيت في غياب أخوانها : مصطفى في الجبال, خالد يدرس في رام الله -أظن , وواحد من أخوانها أسير. وتندفن تحت الأرض وهي حية .. وفي واحد من الزلايب يحبها ويطاردها ونفسو يتزوجها ,, تنحبس معاه في ذاك القبر .. فلة D: ..
***
الكثير من الشخصيات .. هذي من الشخصيات اللي أثرت فيني ..
في ممثل مثل دور واحد أعرج عايش بالمخيم .. وباليادوب قادر يجيب لقمة لأهلو .. لدرجة إنو يتبرع بأعضاءه عشان الفلوس .. نسيت اسم الشخصية والممثل .. كلام كبير .. المسلسل مليان شخصيات مكتوبة كويس
كل الممثلين كان أداءهم تلقائي أو بنفس دي الطريقة .. العفوية غالبة .. والعمل يستحق المشاهدة من جد.
***
الخاتمة ..
نصيحة .. إذا حبيت تشوف العمل خلي الحلقات كلها تكون معاك عشان إذا خلصت من حلقة تنط للتانية, أحيانًا تكون في حلقات تقدمها بطيء شوي .. ويمكن هذا اللي يفرق الإجتياح عن التغريبة الفلسطينية, إنك في التغريبة تحس إنو جاتك معلومات كثيرة في حلقة وحدة .. فتنتهي الحلقة وانتا راضي .. بس فوق هذا المسلسل ( الإجتياح ) رائع !
المسلسل لم تقبله أي قناة عربية إلا الـ LBC .. رغم تكلفته العالية جدًا : 300 يوم تصوير شوف كم بيدفع فيهم المنتج .. غير الكومبارس اللي أحيوا الفيلم بطريقة حسستني إني في عالم حقيقي فعلاً. بعد ترشحو للإيمي عرضتو الـ MBC .. وهذا اللي قاهر صناع المسلسل إنو القنوات ما عرضت المسلسل !
شكرًا ,, وآسف على الإطالة.
بس هذي آخر لقطة لازم تشوفوها .. عبد المنعم العمايري .. ما جلس كثير في المسلسل لكن أدى الدور بطريقة آخ بس .. وأعطى المصور لقطة العمر .. اللي ح تغير حياتوا طول المسلسل أو طول العمر.
http://www.youtube.com/watch?v=4oCy8cGrzKw