الأربعاء، 18 يوليو 2012

( خليك واقعي ) Vs. ( المفروض أن يكون "كذا" )

في حواراتي مع أصدقائي, كثيرًا ما أقع في شراك الجدل بين ثنائية المثالية/ والواقعية .. في الحديث عن الواقع والنهضة .. المفروض والملزم. كانت المشكلة ببساطة, أن أحدهم ينظر للصورة من منظور الأشخاص " المتفائلين " والآخر ينظر للقضية من منظورٍ مصبوغٍ بالتشاؤم. وكلٌّ يدّعي وصلاً بـ ليلى .. وليلى في العراق مريضةٌ :)

هل المشكلة بين النظرِ المجرّد والواقع ؟

( هذا اتهامٌ مركّب ) أهمّ الإتهامات الموجهة للمتهمين بأنهم مثاليون هي أنهم يذهبون لبرجٍ عاجيّ ليقترضوا أفكارهم ثمّ يأتوننا ليصدعوا رؤوسنا بأفكارٍ أشبه بحكايات الجنيات أو حكايات (الكشتات) .
أي أن مشكلتهم أنهم ينظرون للكون بشكلٍ ذهني مجرّد, يحاولون به قراءة الدنيا عن طريق قراءةٍ تقويمية ( بمعنى؛ ما المفروضُ أن يكون ). بينما ينفى الواقعيونَ التهمةَ عن أنفسهم بطريقةٍ آلية ( لمَ ذلكَ مفروض, اللازم عليكَ أن تعيشَ في هذه الحياة كما هي ), والسبب أن الفريقين سقطا في شراك ثنائية النظر المجرد/ والواقع.

بينما نجد ان المشكلة هي مشكلةٌ بين منظومتين عقليتين, أو بين منظورين مختلفين في قراءة الواقع.
فمن يدّعي منهم إحاطته بالوقع كلّه ومعرفت كنهه من حيث هو هو ( الواقع ككل )؛ إذ يطرح هذا الوضع أسئلةً عدة, مثل :
( هل الواقع هو كما نراه ؟ ) , ( هل الواقع هو ما يراه جمع الناس ؟ ) , ( هل الواقع هو ما خبرتهُ وحدي أم ما عُرِفَ للمجتمع ؟ ), ( هل هناك حقيقةٌ واقعية تكمن خلفَ الواقع أم أنه صادقٌ دونَ أن تسألْه يُبِين ؟ ).
كلُّ سؤالٍ من هذه الأسئلة يشرّع أبواب أسئلةٍ موصدة, ويفتحُ مغالقَ أخرى للنظر.

أي أن الناظر في حالِ الواقع لا يمكن أن يدعيَ أن نظرته تنطلق من معنى الحالِ كما هو ( الواقع في الحقيقة ) , بل أن قراءته للواقع هي التي أرشدته لفكرته في " الواقعية ". فإن سلّم أحدٌ بعدَم معرفته بالواقع كما هو فإنه بذلك يلغي منطقيةَ المقولةَ القائلة: ( خلينا نكون واقعيين ).

ما الذي يحصل في العادة ؟

إن النظرةَ للحياة من الصعّب أن تكون نظرةً مجرّدةً لا يُلْزِمُ عنها العلمُ عملاً, بل أن الحياةَ هي الحياة, هي " الواقع " الذي نعيشُ فيه ويعيش فينا وبنا, وهي نحنُ في حالةِ الفعلِ والسكون, وهي المحدودة بين الزمان والمكان. ولذلك فإن مجموعةً كبيرةً من تلكَ النقاشات لا تدّعي الموضوعية المطلقة, وفي الغالب يكونُ الرأيُ المنتصرُ فيها ظنّي الصّحة, والسبب هو الآتي :

أن التحركَ الحاصلَ نحو حياةٍ أفضلَ يلزم الباحث عن نظرةٍ واقعيةٍ للحياة أن يستقري الحياةَ ( كما هي ) لا (كما أراها أو كما خبرتها أو كما قيل لي أو علمت .. قرأت ... إلخ ) وهذا صعبٌ جدًا جدًا :)
فلذلك ينحو الرأيان بطريقةٍ متعمدة أو غيرِ متعمدة إلى تكوينِ تصورٍ مسبقٍ عن الواقع, يساندونه بتصوراتٍ مشابهة تعتمد على تفاعلاتنا مع الحياة, وبعضهم يختار تفاعلاتٍ محددة ( مثل : الكتب, التجارب الإيجابية, النصوص المتفائلة .. أو الخبرة, التجارب السلبية, التفاعل مع الروتين اليومي, النصوص المتشائمة ... إلخ ), وبذلك يكونُ إدعاءُ الصحة المطلقةِ باطل. أي أن النظر للأمور لا يعدو - أحيانًا - أن يكونَ اصطراعًا بين وجهتي نظر, وليس ضرورتين حياتيتين أو عقليتين.

( هل تقدّمُ توصيفًا للقضية أم تبحث عن حل ؟ )

لا أدعي إيجادَ الحل, ولا أدعي الموضوعية, وما أقدمه وإن اجتهدت أن يكون وصفًا, فلا أدعيه توصيفًا والسبب أنني أميل بالنظر هنا وهناك .. وأثناء كتابتي للمقال كنتُ متفائلاً.

( النهاية )

الثلاثاء، 17 يوليو 2012

هل أنا مركز الكون ؟

تنسّم الرائحةَ المُشكِلةْ, وقال :
- هل أنا مركزُ الكون ؟
أجابه صاحبه : عفوًا ؟ أنت لستَ مركزًا لمجموعتك الشمسية, ماذا تخرّف ؟
- لا فعلاً, هل أنا مركزُ الكونُ .. أَ يقاس الإنسانُ بالشمس؟ ما الشمس ؟! مجرّد جرمٍ عظيمٍ محترق ؟
صاحبه : وأنت لُعنَةٌ وضيعة, ما أنت ؟! تافهٌ حقيرٌ, كطفيليٍ في جلد وحيد قرن على ظهر هذه المحدودبة. الشمس يا جاهل تَشغَل 1.9891  × 1030 كيلو جرام من الفراغ, و تزنُ 2.191874 × 1027 طنًا  , وأيضًا أشياءَ كثيرةٌ فيها تفوقك .. أنت لا تعرف حتى ما هي مساحتها السطحية ولا ما طول قطرها ؟
- وأنت تعرف ؟
صاحبه : نعم ( قالها وهو يتصفح ويكيبيديا ).
- يا رجل .. هل أنا مركز الكون ؟ هل أنا كائنٌ فيزيائيٌ بحت حتى تقرنني بالشمس, هذه المقهورةُ القدرة, أنا أفعل, أعقِل, أقرر, ما أنا إن كنت كائنًا فيزيائيًا, تتلاقفني الأيدي في المختبر دونَ حولٍ مني ولا قوة ؟
صاحبه : لكن الأقدار, تلعب بك ( كما الريشة .. يا عيني ) ..
- نعم تتلاعب بيَ الأقدار لكن ليس كالريشة .. لأني لستُ ريشةً ولا الريشةُ أنا. مرةً أخرى, هل أنا مركز الكون ؟
صاحبه : وكيفَ تكونُ للكون مركزًا إن لم أعاملكَ على أساس ماديتك ؟!
- هل الكونُ كائنُ بلا حياة ؟
صاحبه : صديقي ستغالط نفسك, قبل جملتين كانَ الكون مصمتًا مقهورًا, وأنت المفعم بالحياة ..
- لحظة .. تخيل هكذا .. أن الكون هو أنت ؟
صاحبه : لا أفهمك .. تقصدُ أن الكون نتاج أفكاري .. وكل العوالم التي نشترك النظرَ فيها هي من توليد دماغي الهلامي ؟! .. قبلَ أن تتكلم .. هذه مغالطة أيضًا .. إنْ أنا ادعيت توليدَ أفكاري للكون .. فمن ولّدني .. إن ولّدت نفسي بنفسي .. فبأي أساسٍ أنتجت نفسي, أقصد إن تتبعنا الأشياء التي تولدت مني سنعود إلى حقيقةِ أنني من ولّد العالم بذهني ( والكون هو تخيلاتي ) , وأنني أنا كما أرى نفسي وكما أفكر بداخلي متولدٌ عن ذهني الذي هو جزءٌ مني, الذي يحتاج أن يكونَ هو وحده حقيقةً موجودةً مادية. أي أنني ( يا فرحتَك ! ) عقل هكذا .. يعمل .. هكذا .. عقل في برطمان إن شئت .. فسيوجد حقيقتان في العالم .. أنا (= أَيْ عقلي ) .. والبرطمان !!!
- اسكت ..
( قط يعرجُ في الشارع, كسيرَ الحالِ .. يرثي حاله .. يحاول قطعَ الشارع. القطُّ يُدْهَس, ولا يفطنُ لذلك أحد )
- صديقي .. هل أنا مركزُ الكون ؟
صاحبه : أنت الكون .. لا تهلك نفسك .. وتجعلُ يومي ضنكًا .
- ألا تشعرُ أن العالم كّله يدورُ حولك ؟ ابدأ بحياتكَ اليوميةَ مثلاً .. أنت تستيقظ, لتصرخ أمك عليكَ كل صباح لأنك أنت الذي تغضبها دائمًا, لتذهب لجامعتك التي تدرسُ فيها أنت, وتختبر الإختبار الذي تنجح أو ترسب فيه أنت, وتقود سيارتك أنت ليقعَ لك ( أنتَ) الحادث ..
صاحبه : خلاص !!
- فكر معي بجدية ..
صاحبه : كنتُ أفعل
- ألا تدور الدنيا كلها حولكَ أنت ؟ هل أنتَ مركز العالم ؟!
صاحبه : أشعر أنها تدورُ حولي .. ما يتعلق بي بالطبع هو ما يدور حولي .. أما أن يكون العالم كله في مدارٍ حولي فهذا لا أعتقده ؟
- لكن هنا الكون يدور حولك .. كونُك أنت, وأيضًا كوني أنا يدور حولي  .. إذًا كلنا مركزُ كونه
صاحبه : لكن ليس مركزَ الكون
- عن أي كونٍ نتكلم إن كان كوني هو نفسه الكون الذي أعيشُ فيه, وكونك هو نفسه الذي تعيش فيه .. إذا أنت مركز الكون
صاحبه : يا بابا .. يا حبيبي .. إما أن تكون مركز الكون أنت أو أن أكون أنا, فإما أن يكون الكون كونٌ واحد .. ونحنا نقتطع مجازًا أجزاءًا منه نكون نحن مركزها, أو أنَّ كوننا بلا مركز وكلّنا بذلك يستطيع أن يدعي أنه مركزه.
- أمهلني
صاحبه : أمهلتك الدهرَ كلّه ( وبدأ يطقطق على البلاك بيري ).
( أمٌّ تصنع القهوة في ليلةِ شتاءٍ بارد, تنتظر ابنها الغائب .. ولم يأتِ أحد )
- اسمع .. أكيدٌ أن الكون ليس العالم المادي فقط .. لا بدَّ أني أعيش عالمين .. أنا الجِرم الفزيائي .. وأنا الباعث المحرّك للجرم .. أعيش في عالمين مختلفين أحدهما لست مركزًا به .. لكن من هو الكون ,,
صاحبه : صدّعتني .. ولا يهمني .. اذهب إلى الجحيم أو بيت الحكمة .. الكلام معك ضائع ..
- أنت إنسان غير موضوعي ..
صاحبه : ولا أنت .. لا يوجد أحدٌ موضوعي هنا .. حتى أيمن الذي يكتب القصة
- من أيمن الذي يكتب القصة ؟!
صاحبه : لا أدري لم أكن أفكر إلا في سبكَ لحظتها, من أيمن هذا ؟
- لا أدري .. يبدو أنه مركز الكون حاليًا ,, إما أن يكون للكون مركزٌ أو لا يكون .. لكن إن افترضنا أكوانًا مختلفة لكل إنسان فسيكون هناك ( إنسان مركزٌ ) لكونه بالضرورة .. ولكنه كما تقول لن يعدو كونه لُعنَة حقيرة تافهة في وسط منداح فسيح .. أو ! أو .. أو .. أو ..
صاحبه : ما بك ؟
- لا أدري .. من يتدخل ؟1 ( صمت. ينظر ويجول نظره في المقهى كالمجنون ) .. ما ذا لو كان كل ذلك مزحةً سخيفة ؟ أقصد .. أننا في مسرحية كبرى ؟ إما أن نكون مثّلنا على بعضنا وأحدنا مخدوع, أو أن نكون مغفلين والعالم .. يديره عالمٌ آخر !!
صاحبه : ومن هذا العالم ؟
- أيمن !! صاحبك هذا !
صاحبه : لا أعرفه ,,
- صديقي .. الكاتب .. أيمن .. ليسَ لديه شيءٌ ليقوله, ولكن أراد أن يخبرني أن شخصًا ما في مكان ما في زمانٍ ما قد فقدَ إحدى غاليتيه .. ويعيش بأمانٍ وسعادة كأنه لم يفقدهما, وأن طفلاً هناك في مكان آخر .. تنتهك براءته, وأن حلمًا في عقل شابٍ وشابة لا يفتئ أن يُقلِقَ روحهما.
صاحبه : لا أدري يا صاحبي .. لكن هذا المقهى مسكون, أو أننا قلبنا نفسيات بعد سؤالك الخايس ..!
- اسألني نفسَ السؤال, وستعلم.
صاحبه : ماذا ؟
- اسأل !
صاحبه : صديقي العزيز ... هـل أنـا مـركز الـكون ؟!
( وتدفقت فجأة نفحات المعرفة لأن المسرحيةَ انتهت ).

الثلاثاء، 12 يونيو 2012

الفن والإنسان والنهضة

أتذكرعندما وقع بيدي تلخيصٌ لمحاضرة الدكتور جاسم السلطان في مؤتمر النهضة الأول بالبحرين
؛ حيث أشار الدكتور الى ثلاثة نقاط وجب علينا التصدي لها وفتح ملفاتها :

- الصناعات الثقيلة؛ الإشكاليات الفكرية
- الصناعات المتوسطة؛ مشكلة الفن والأدب
- الصناعات الخفيفة أو الصغيرة؛ المشاريع الخيرية والاعمال التطوعية مثلاً

وشبّه عملية تجسيد الأفكار وتجسيرها بالكمبيوتر الذي يرسل أوامر الطباعة إلى الطابعة عبر سلك USB؛ حيث يمثل المفكرون ( الكمبيوتر ) الذي يتصدى للإشكاليات الفكرية والفلسفية، بتحليلها ودراستها ومحاولة إيجاد الحلول لها ( تولد فكرة ) لرؤية نتائجها مطبقةً على عموم الناس المنشغلين بقضاياهم اليومية والمؤثرين في واقعهم ( الطابعة ). وحتى تصل أفكارهم كان لابد للمفكرين من أناس استطاعوا فهم أفكارهم وإعادة صياغتها وطرحها بلغة عموم الناس؛ الأدباء والفنانون ( أداة التوصيل ).

تساءلت بعد قراءتي لهذه الورقات عن أهمية ملف الفن والأدب في مشروع النهضة بشكل حقيقي. أستطيع بعد الكثير من النقاشات مع المهتمين في قضايا النهضة والقليل من القراءات حول قضايا الفن ونقاش يتيم أرجوا أن يتكرر مع الدكتور حول القضية أن أوضح الأهمية في قضيتين :
1-قضية توصيل الأفكار كما ذكر الدكتور جاسم السلطان،
وقضية 2-إنسان النهضة.

وربما كان فتح ملف الفن أمرًا في نظر البعض ثانويًا ولا يعادل أهميةَ الملفات الكبرى كما يظنون؛ الإصلاح السياسي، مشكلات الهوية العالقة، أو حتى قضايا التربية والإدارة مثلاً. كل هذا قد يرونه أهمَ من فتح ملف الفن آو التربية الجمالية، وهو برأيي ملفٌ يعادل أهميةَ الملفات السابقة في أولوية الطرح في مشروع النهضة، لأهمية الإنسان في مشروع النهضة, ولما يملكه الفن من خصائص تكفل التأثير ووصول الأفكار.

1.قصة قديمة جدًا .. و2.القصة الجديدة:.


1.إن قضية التأثير نفسها تكتسب قوتها من نزوع الإنسان أصلاً إلى تذوق الجمال، وفهم رموزه، وبحثه عن ذاته في العمل الفني، فهو يرى نفسه في كل شيء جميل في هذا الكون، ويرى في الأشياء دلالاتٍ أعمق من وجودها الأساسي قد لا تكون أصلاً صحيحة لكنه ولأنه رأى فيها ذلك أحبها.
وقد نكتفي باتجاه الإنسان البدائي إلى التعبير عن أحداثه اليومية - وهي أهم بالنسبة إليه من يوميات أي مخلوقٍ - بالرسم. واختياره للطوطم, أوالرمز الأسطوري لحيوان أو  جزء من جسم الإنسان ليكون رمزًا وحاميًا للقبيلة, وليحمل معنىً مميزًا قد لا يمثله ذلك الرمز؛ وليصيغ الحكايات حوله ويقيم الإحتفالات لتمجيده، ليعيش حول فكرة اخترعها وعاشها فنيًا. وذلك ساعده على الحفاظ على وهج هذه الفكرة بتمجيدها وإضافة المعنى دومًا لها، وطرَح الأسئلة حولها عن طريق ممارسة طقوسية هي فنية بذاتها.

إن نزوع الإنسان إلي الفن أو الممارسة الفنية كان عند نزوعه إلي التدين، كان عند أول مرة آمن فيها. مايفعله الفن هو إضافة العمق إلى تجربتنا الحياتية، إنها ببساطة عملية إيمان عملية تطرح الأسئلة فعلاً عند كل مرة يُنْتِجَ فيها الأنسانُ عملاً فنيًا.

قصة المسرح

ببساطة كانت المسرحيات في أثينا وعند الفراعنة قبلهم وفي الكنيسة بعد ذلك عمليةً طقوسية يمجدون فيها الآلهة ويحكون فيها قصص الغيب؛ القصص التي تعني شيئًا عندهم .. على المذبح الذي يضحون عليه قرابينهم ليتقربوا به إلى آلهتهم. نشأت الفنون الأولى في أحضان المعابد داخل الحضارات، وخلف ستر الإيمانات الإنسانية والدينية في الغالب خارجها. وقد يكون ذلك هو السبب الأقوى لسهولة التأثير على الإنسان بالفن؛ لأن الفن وببساطة جزءٌ من طبيعة الإنسان.

2.والسبب الثاني يكمن في قدرة الفن الفائقة على تبسيط الأمور دون الإخلال بجوهر تلك الفكرة. مثلاً؛ يستطيع الروائي بتجلٍ باهر أن يسطر ملحمةً تتحدث فقط عن مفهوم اطلاق ممكنات الإنسان ( وهو مفهومٌ واحد ) ومناقشته من جميع جوانبه، بشكلٍ يوصل الفكرة بشكلٍ أسرع وأعمق - في نفوذه إلى ذات المتلقي - من الكتابة الجافة التي أبدعت الفكرة، أو بشكلٍ متصورٍ أكثر. بل قد يستطيع العمل التشغيب وطرح الأسئلة حول مفهوم آخر؛ مفهوم الحق والحقيقة في قصيدة مثلاً ..

أظن أن حاجة المشروع إلى فتح ملفات الفن، أو على الأقل اعتبار الفن وقضاياه النظرية والعملية من القضايا المهمة فيه؛ يكمن في حاجة المشروع إلى التأثير العميق بتجسيد أفكار في الأنفس، وبنهضتها بإنسانٍ كانت ثقافته وحريته ونزوعه إلى الجمال والتعبير به أساسًا لتشكيل هويته وتحقيق إنسانيته

الأحد، 5 فبراير 2012

قصة الأربع الأرقام

قيد مرة مريت بحالة تخليك كل ما تشوف الساعة، تشوفها كلها أرقام متشابهة ( ١١:١١ أو ١٢:١٢ )؟
كنت شهر كامل في حالة غريبة زي هذي، ونادرًا ما كنت أشوف أرقام متفرقة في الساعة أو العداد ( موسيقى رعب ).

بعد أن خرجت إلى النور من جامعة البترول، ملطخًا بالشكوك، محاطًا بأغاني الأسى. قررت أن أكذب على نفسي، وأصدق الفكرة ( وأنا أعلم أنني أكذب لكنني أصدقني!).
١- الكذبة الأولى: خطط لحياتك:
كتبت خطة للأربعة الشهور القادمة، مدعمةً بتصوراتي للوجود وآرائي الفلسفية.

٢- الكذبة الثانية: حدد أهدافك بالأرقام، واختر ما تقدر عليه:
على سبيل المثال كتبت: الهدف الدراسي معدل ٤.٩٥ ( ولا كنت احلم فيه في البترول )

٣- الكذبة الثالثة: آمن بأنك ترى أهدافك وأرقامك ( كما أراكم !):
يعني، أن تدافع عنها وكأنها فتاة أحلامك، وتتحدث عن فكرتك كأنها صباحك ومساءك.

٤- الكذبة الرابعة: أن تنسى أنك كذاب:
أي أن تصبح صادقًا وبغباء. فمثلاً كنا نتناقش أنا وحبيب قلبي عبدالاله الأنصاري عن ما في التورية من كذب وصدق، وأنا الذي كنت نصابًا كبيرًا في صغري ( هذي لوازم الإيمان يا سيد ! ).

مرت سنة. أقصد فصل دراسي.

خرجت من كهفي اللولبي. وأنا في طريقي إلى الكويت لأحضر مؤتمر شركة الإبداع الأسرية ( عايش دوري ) حاولت أن أحسب معدل التيرم الماضي. وياللعجب وجدته ٤.٩٥.

صرخ صوتٌ يسكن أعماق المجهول داخلي: المؤمن مبتلى !
يبدو أن الجميع حولي قد صدّق الكذبة :)

الخميس، 12 يناير 2012

أطلق المحتال الذي في داخلك

لا تقرأ الملون بالأحمر إن كنت مشغولاً. ولا تقرأ الملون بالأحمر والأزرق إن كنت مشغولاً ( بقوّة !! ). لكنك ستفقد الكثير :)



الكاتب: أنا؛ كثّ الشعر, أغبر الملامح, يعيش على الكلمات والأحلام والأحاديث اليومية, يظن أنّ أسنانه لن تخدمه خلال الأربعين سنة القادمة التي انتوى أن يعيشها. في الواحد والعشرين من عمره وسعيدٌ جدًا أنّه كذلك.

عن ماذا ؟ :  يبدو أن بداخلنا شيئٌ يحاول أن يقنعنا بما لا يجب أن نقتنع به. شيءٌ يقتحمنا منذ الطفولة يوميًا بترّاهاته اللطيفة. سأسميه المحتال.

الحالة: فاينلزم ( هذا المصطلح تعريبٌ للكلمة الإنجليزية finalism  وهي كلمة لا أصل لها في المعجم الإنجليزي, فهي مركبة من final والتي تعني في اللهجتين ما مختصره؛ الإختبارات النهائية. وتم اضافة ism التي تشير إلى نزعة أو عقيدة أو أيديلوجية أو حالة .. اختلف العلماء في ترجمتها. وأفضل هذه الترجمة التي تعني متلازمة الإختبارات النهائية ).

دائمًا ما يقنع المؤمنون أنفسهم أن ما يظنونه سيتحقق, ويقتنع الشكّاك أنّ ما يشكون به سيتحقق, وحتى الكفّار يؤمنون أن ما ردّوه لن يأتي. كل هؤولاء يدعون معرفة المستقبل, ومن أقنعهم بذلك ؟ المحتال الذي بداخلهم.
ولكن بعض الناس بدعوى الواقعية يحاولون قتل المحتال بسبق إصرار وترصد, ولا ينجحون لتأصّل هذا المحتال في ذواتنا.
زارني هذا المحتال بداية السنة الجديدة. كان يوسوس لي.
(( أيمن ,, لا زم تتغير في 2012 .. لااااازم تتغييير في ألفييين واطنعششش !!!! ))
وكان هذا الوسواس يؤرقني ليل نهار. يلاحقني في كل مكان السرير, التويتر, الحمام, زوايا الشارع !! حتى جاءت الليلة الحالكة الظلماء ودون أن أدري رقدت وإذ به يتجسد لي في شكل كتاب ويفتح نفسه وتتطاير الصفحات, أرعدت السماء حينها واصطكّت النوافذ وعوت الذئاب, وخرج الكتاب وصرخ فيّ قائلاً : (( Happy new year )) . فصرخت مرتعبًا : (( اتق الله ألم تعلم أن التهنئة به محرمة شرعًا ؟!)). وانتهى الحلم لأستيقظ وأجد السنة الجديدة قد طرقت الأبواب ودخلت دون إذن.
فصرت كالمجنون أكتب خطط التغيير السنوية. لقد ضحك عليّ المحتال, وأقنعني بدراسة الكثير وكتابة الكثير !!!
اللغات : عربية, وانجليزية
منطق
الأصول: حديث, فقه.
هندسة صناعية
رياضة؛ عقلية, جسمية, روحية
المشاريع : 3 مشاريع فنية, ومشروع تطوعي.
فلسفة
دراسة في الفنون الغربية. نظرياتها وتاريخها.
( آآآآآآآآآآآآآآآآآآع .. مني مكلمل عشان لا تقولوا عليا مجنون. هذي الحاجات بالنسبة لسنة مرررررررررة كتييير ).
ويبدو أن المحتال ضحك علي.

"لكنني وبعد حكّ رأسٍ حسبتها, وطلعت معيَ سهلةٌ لأنها كذا .. فأحياننْ ( أحيانًا) نقدر نحقق كذباتنا بسبب معرفتنا بالطرق الصحيحة لتحقيقها "
***

أحد أجمل اكتشافات اليوم .. مقطع للبرنامج اليوتيوبي .. فلّمها .. والذي يعنى بتعليم الناس الإنجـ(غ)ـليزية عن طريق مشاهدة الأفلام. وهي فكرة ليست جديدة أو غريبة عليّ .. لكنّ الجديد هي الطرق التي يمكن أن يطرحها ليساعدك على تجنب أخطائك وملاحظتها أثناء التعلم.

أظن أنّ تعلّم الفرنسية, والألمانية, والتركية, والفارسية, والأمازيغية, واللاتينية, والروسية, والأردية لم يعد حلمًا مستحيلاً. وقريبًا سيتحقق.

هع هع