الأيام المثالية لا تبدأ بصباحات مثالية.
انطلقت لأعيد إخوتي من مدارسهم, وعدت إلى الشركة .. انتهيت من عملي بسرعة وخرجت لأتغدى, وذهبت مسرعًا بعد ذلك إلى الهوليداي إن*. كيف أذهب إلى معرض الكتاب المغرب وكيف أعود في الوقت المحدد بعد العشاء هو ما كان يشغلني, وصوت عدنان الإبراهيم يستحثني لكي أركز فيما يذكر عن مكنيكا الكم والنسبية .. تمنيت أن يكون لي ذاكرةً تحتفظ دون عناء بما أريد, أن لا أحتاج إلى الورقة والقلم, ويبدو أن الموضوع سيأخذ عزيمةً وبتوفيق الله.
لا شيء جديدٌ نظريًا, ما استفدته صدقًا مهارات التدريب المتعلقة بالثقة, والخطبة المستفزة للهمم التي بدأ بها أ. ياسر الحزيمي الجزء الثاني من الدورة هي التي أقعدتني قبيل صلاة العشاء. الثقة هي الصفة الموجودة عند كل المؤثرين, هي ما تكسبهم الحضور
( الكاريزما .. إن صح السياق ) , وتوقعهم في نفوس البشر, وتخرجهم مرةً أخرى من المآزق.
( الكاريزما .. إن صح السياق ) , وتوقعهم في نفوس البشر, وتخرجهم مرةً أخرى من المآزق.
نولد مفطورين على الثقة, مفتونين بأنفسنا, ولكننا لا نكاد نحاسب ربانيًا إلا وقد حسبَ لنا الجميع كلّ خطوةٍ نخطوها في سنّ رفعِ القلم. وما نلبث أن ننقل تجربة التحبيط لمن هم أصغر منّا.
الأستاذ محمد كليب يطبق معي التماين أثناء الدورة : ننظر في أعين بعضنا دون أن نرمش, أو أن نحيد ونضحك, جرّبها لمدة ربع ساعة وتابع نفسك.
خرجت بعد العشاء وبيني وبين الأستاذ محمد عثمان موعدٌ في المعرض لسياحة مَقودة بعد أن غيرنا موعدنا إلى العشاء. في الطريق, اتصلت على والدتي ..
- آلو .. السلام عليكم, أحبك
- ( تضحك )
- حبيت أسألك عن تمرين لطيف طبقوه لنا .. ( سألتها بعدها عن تقيمها لثقتي بنفسي الظاهرة أمام الناس, وقد يحسب البعض سؤالي هذا عدم ثقةٍ في رأي بنفسي .. وأنا ما عليّ منهم )
* التحليل النفسي الأموموي لمعدل الثقة :.
واثق ..
عنيد في مسألة الأفكار والإعتداد بالرأي ..
محترم مع الناس بشكل متبادل.
بعدها اتصلت على والدي العزيز
- آلو .. السلام عليكم, أحبك ( ما أجملها أن كون تحيتنا في البيت )
- ( يضحك ) .. تحبني ؟! .. حلوة الكلمة
- ( بعد الضحك ) حبيت أسألك ( نفس السؤال )
* التحليل النفسي الأبوي ( هيَ تنفع تصير الأبوي للاثنين بس حبيت أفرق عشان الاستايل لا ينخرب ) لمعدل الثقة :.
واثق في الخطب والتقديم والطرح
عندك أزمة قرارات ( ربما لقلة المعلومة أو الخبرة؛ هو يقول )
مستقل بفكرك ( ليس دائمًا .. )
( بس بتتيسر )
للأسف لم أستطع أن أوصل ما أريد للبيت .. المسألة معقدةٌ وهم في أغلب الأوقات متفهمون, مشفقون, أبويّون في آنٍ واحد. والدي رجلٌ حرامٌ منطقًا أن يكون في عملٍ حكومي, الهم الذي يحمله قد أنهكه بعد أن امتزج بالبيروقراطية في المؤسسات الحكومية, وبمركزية القرار .. وبمبدئ : ما راح تشتغل زي ما تبغا. أتخيل والدي في فترةٍ من حياته إنسانٌ حالم, كل ذلك قد أخفت العمل الحكومي صوته في بيتنا. إن كان همّ والدي قد شحنه في وقتٍ من الأوقات قبل التسلط المؤسسي, فإن الإمتزاج بين هذا وذاكَ أثقل عليه وأرهقه, وأخجلني أن لا ألبي طلباته اللحظية ,, وفي نفس الوقت أن أحقق الرؤية البعيدة لنتائج تربيته التي ( في نظري ) تتناقض في أوقات كثيرة ( ليست التربية .. باللحظة وما بعد اللحظة).
خيمت ظلمة توابع الفساد على بيتنا منذ سنوات. ولا أكذب إن قلت أن أبي وأمي إنسانان حساسان, يؤثّر بهم رؤية التفكير التخريبي الإنتهازي, لدى الكثير, تؤثر بهم المشاكل الأخلاقية عند مجرد سماعها, تجعلهم قلقين يقظين كل الوقت, روحهم الطيبة لا ترضى, وتأنف كل ذلك. الخبث يقتل فيهم فرحهم دائمًا, ونحن كنّا نُنعِشه, ولكننا دخلنا في معمعة فسادٍ أخرى فـ التطاول على القيم طال الجميع, حتى الأطفال. الفاسدون أمقتهم وأتعامل معهم بتطرفٍ جدًا, وليسوا ضحيةً في نظري ولا أبناءً للمجتمع, من ارتضى فساد نفسه خرج من معايري الإنسانية لإراه بنظرةٍ تصنيفيةٍ ماقتةٍ غاضبة. وهذه المرحلة الجميلة الجديدة في حياتي ستزرع -بعون الله دائمًا - الروح مرةً أخرى.
وصلت إلى المعرض.
وذهبت إلى دار الشروق .. وكتاب عزت بيقوفيتش قد التهمه الشعب. أين هؤولاء الناس خارج وقت المعرض؟ أظنني سأرى بعضهم يوم الجمعة ( هع ) .. الله يكتب اللي فيه الخير دائمًا.
ومرةً أخرى, وبتقديراتٍ عليا, ولكن هذه المرة بشكلٍ مختلف ..
تصطدم يدُ عبدالرحمن دادا بصدري .. أوصلتني حاستي السادسة إليه دون أن أشعر به, ودلني متفضلاً على دار تبيع النفيس من الكتب؛ الكتب التي من ثقل ما فيها قد تخاف أن تدخلها بيتك و ستقرأها بالدسّ, تقديرًا للمصلحة العامة.
قابلت الأستاذ محمد عثمان, تفضل عليّ وأرشدني إلى مجموعات كتبٍ لم أتخيل أن أكون يومًا قد اخترتها ( روايات في الغالب ) وكلَّ ما تحركنا خطوةً وجد أحبابه ومعارفه وسلّم عليهم وقد عرّفني بهم على إني ( ابنه الروحي ) .. وفي كلّ دار نشرٍّ نقف بها يعرفني بشخصياتٍ أدبية وإعلامية محترمة عندنا في البلد, وما أدري فين أودي جمايلك يا أستاذ.
ولكن اللحظة التي لم نخطط لها؛ الله وحده يعلم متى وكيف وأين تكون هذه الأسئلة في وقعها الدرامي. فلم تصطدم يدي بأحدٍ هذه المرة, التقت عيني بعيني عبدالغفور الثابتي .. ( صديق دراستي في الثانوية, وأحد أكثر الشخصيات التي تشحنك عملاً وتميزًا ) .. لم أره منذ زمن والأيام لحظتها تختصر في عناق . لن أتكلم عن المسيرة التاريخية والتي تذكرتها وأنا أسلم عليه.
وتفضلاً منه, تركنا الأستاذ محمد أن نعيش لحظتنا وتواعدنا أن نتقابل مرةً أخرى في غيرِ يوم. السياحة جميلة مع عبدالغفور, مليئة بالمشاعر هذه المرة .. اللقيا دائمًا تزرع النفس الطيبة ..
قضيت الوقت .. كله مع عبدالغفور ..
وأكلنا بليلة ( هع ! )
وعدت بالبلية إلى البيت ,,
ونمت بدون مكيف ..
اليوم جميل ,, وغدًا يومٌ أجمل ( أكثر مثالية )
* holiday inn ( صححوا لي الخطأ )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق